22 مايو 2009

بين هبد الهبدان وسهولة سهيلة! قراءة في أوضاع المرأة السعودية





1 يونيو 2004 

عرفت كلا من الأستاذة سهيلة زين العابدين حماد والشيخ محمد الهبدان من عدة سنوات، وعرفت فيهما الإسلاميين المجتهدين لتحقيق انتمائهما الثقافي والفكري. وقد اطلعت على لقاء الأستاذة سهيلة في جريدة الشرق الأوسط اللندنية، وكذا على رد الشيخ محمد، والذي نشر عبر الإنترنت، على ما صرحت به الأستاذة سهيلة في لقائها؛ فرأيت جزءاً من صورة المرأة السعودية التي أصبحت ورقة كوتشينة، كما هي غيرها من قضايانا، يتم اللعب بها على طاولة المزايدة الوطنية والإسلامية!

دار الخلاف بين الأستاذين حول شرعية بعض الحقوق المدنية للمرأة، وقد تم تناولها من جانب وجهة النظر الإسلامية ذات الأصول الواحد بقراءات مختلفة. فوافق الوضع ما كنت أنويه من الكتابة عن بعض أوضاع المرأة السعودية فكان هذا المقال.

-لن أتفضل على أي امرأة إذا أقررت بكونها من بني آدم وأن لها حقوقا أصيلة وأخرى مكتسبة لا يحق لأحد أن يشاكسها فيها، وأنها ذات أهلية كاملة أبهرت الرجال بالذي تستطيع فعله. ولن أخوض جدلية عقيمة في تفضيل جنس على جنس فأنا على إيمان كامل بعدل الخالق وأنه سبحانه ما كان ليميز بين عباده فيما ليس لهم فيه من يد.

-ويجب أن نقر أيضا بأن المرأة السعودية قد حكمتها، كغيرها من نساء العالمين، الأعراف والتقاليد باسم الدين فترة من الزمن، وأنها في جهاد عظيم مع أخيها الرجل لينالا حقوقهما كاملة غير منقوصة. ففي زمنٍ مضى قد عارض بعضهم تعليم المرأة في المملكة بحجة الدين ولئلا تسير في طريق إفساد المرأة الذي بدأ بحجة تعليمها، في وقت كانت طائفة أخرى تطالب بتعليم المرأة بنفس الحجة وهي الدين! ولا شك أن الحجة الأولى ما كانت سوى رأيا شخصيا قد ألبس عباءة الدين زورا وبهتانا.

- وفي هذه الأيام يدور النقاش حول منح المرأة السعودية بعض الحقوق، ألخصها فيما يلي مبديا لرأيي الشخصي فيها، مؤكدا أنه لا يملك أحد أن يتحدث إلا عن وجهة نظره الشخصية التي قد يستند فيها إلى قراءات دينية لكن ليست هي القراءة الوحيدة للنص الشرعي:
قيادة المرأة للسيارة: تأكيدا لكون الفتوى الشرعية متعلقة بظروف الزمان والمكان تأتي لنا هذه المسألة، وهي قيادة المرأة للسيارة، لتتحدث عن حالة المرأة السعودية لا غير! فكثير ممن منع قيادة المرأة للسيارة كان يخص بالمنع المرأة السعودية، ليس كرها لها ولكن للملابسات التي يراها وتخصها بهذا الحكم. فهل يرى الشيخ محمد الهبدان عدم جواز قيادة المرأة الكويتية المحجبة حجابا شرعيا كاملا بغطاء الوجه والقفازات، كما هو تعريف الحجاب الكامل في اختيار الشيخ، للسيارة في دولة الكويت المسلمة؟! فيجب علينا أن نثبت الرأي المشترك وهو عدم الاختلاف في جواز قيادة المرأة للسيارة بعيدا عن أي ظروف قد تمس الحالة محل الفتوى، كما هي حال المرأة السعودية، فنجد بعض من يحرم قيادة السعودية السيارة في المدن يمكن نساءه قيادة السيارة في الخلاء لزوال الموانع التي قد أفتى بالحرمة بناءاً عليها! والموانع التي يفتي البعض بالحرمة بناء عليها هي:

1-مضايقة بعض أهل الفساد لها: وهو أمر قد يحدث لو خرجت ماشية على أقدامها لتزور جارتها، فهل نحرم زيارتها لجارتها؟!

2-أنه يفتح الباب لمن في قلبها مرض فتذهب بسيارتها إلى غير المحل الذي قالت لأهلها أنها ذاهبة إليه: وهو أمر قد تفعله من في قلبها مرض فتقول لأهلها أنها ذاهبة إلى المدرسة أو الجامعة وتذهب إلى غيرها؛ فهل نحرم على صافيات القلوب الذهاب إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مثلاُ، من أجل مريضات القلوب؟!

3-أن قد تتعطل بها السيارة في مكان عام: ونحن نؤكد أنها قد تتعطل السيارة التي يقودها سائقها وتركبها هي وأختها في مكان عام ولا يعرف السائق إصلاح هذا العطل، فهل ركوبها مع السائق مع عدم وجود خلوة محرم لهذا السبب أيضا؟!

4-أنها تحتاج إلى رخصة والرخصة تحتاج إلى كشف الوجه، وكشف الوجه محرم: ونحن نسأل لو قدرت المرأة حاجتها لارتكاب هذا المحظور أو أنها كانت ترى أن كشف الوجه ليس محرما أو حتى لو تم إخراج رخصة بالبصمة فهل يجوز لها القيادة؟!

5-أنها قد ترتكب بعض المخالفات التي يحتاج إلى توقيفها في مركز المرور: فهل إذا تم تحويل المخالفات النسائية إلى غرامات مالية فقط يزول هذا العذر؟!

طبعا البعض قد لا يتفق في كون هذه الأعذار ترقى إلى أن تكون علة للتحريم، لكن نحن أردنا فقط أن نبين أن فتوى من يرى التحريم هي اجتهاد متعلق ببعض العلة متى ما زالت زال الحكم المبني عليها. ولست أظن من يرى التحريم يرى فتواها أكثر من كونها اجتهاد يسع مجتهد آخر مخالفته فيها.

- مشاركة المرأة في الانتخاب: ففي رأيي الشخصي أن القائلين بمنع المرأة من المشاركة في الانتخاب لا يستندون إلى أكثر من أراء فقهية يستدل لها لا بها! في وقت أن من يطالب بحق المرأة في الانتخاب له أدلته الشرعية، كمبايعة النساء للنبي صلى الله عليه، وهي في اللغة المعاصرة إدلاء النساء بأصواتهن ومنح ثقتهن وطاعتهن لمن يرشحن. وهذا ما استدلت به الدكتور سهيلة على حق المرأة في الانتخاب في وقت لم يجد الشيخ محمد ما يرد به هذا الدليل الصريح إلا كونه فعل لم يتكرر، ولا شك أن الشيخ محمد يعلم جيدا أن الدليل الشرعي لا يرد بمثل هذا، وأن كثيرا من الأحكام الشرعية لم يرد عليها دليل سوى دليل فرد لم يتكرر، ومثاله فتوى العمرة في رمضان تعدل حجة فلم يرد فيها سوى دليل المرأة التي شكت إلى النبي صلى الله عليه أنها لم تستطع الحج معه فأرشدها إلى العمر في رمضان، مما جعل ابن تيمية يخص هذا الحكم بهذه المراة! وأنا أضيف دليلا آخر سأله عنه الشيخ محمد الهبدان في أحقية المرأة في الانتخاب هو ما كان من عبدالرحمن بن عوف لما أخذ بأراء النساء في انتخاب عثمان بن عفان أو علي بن أبي طالب في الحادثة المشهورة دون وجود منكر أو مخالف.

- مشاركة المرأة في مجلس الشورى: وهو ما استدلت له الدكتورة سهيلة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة صلح الحديبية يوم استشار أم سلمة، وفعل عمر يوم استشار حفصة –رضي الله عنهم- في مدة غيبة الجند عن أهلهم، وحادثة صلح الحديبية دليل شرعي، وحادثة عمر رضي الله عنه شاهد تاريخي وكلاهما صريح الدلالة على إشراك المرأة في الشورى. في وقت أن كلام الشيخ محمد الهبدان ما كان إلا استنباطات لأدلة عامة، وليس أدلة متعلقة بالمسألة محل الخلاف. وأما رد الشيخ محمد لأدلة الدكتور سهيلة بأنها كانت حالات فردية ليست ذات دلالة مطلقة فهو رأي للشيخ محمد يحتاج لأن يستدل له، فدعوى التخصيص لبعض الحوادث النبوية بحاجة إلى دليل يسلبها عمومية الدلالة.

- وآخر ما أحب الإشارة إليه هو بعض ما كان من بعض الأغرار الذين اجترءوا على رمي الدكتور سهيلة بالتسيب والانفلات، وهي التي بذلت جهدها للدفاع عن المرأة المسلمة من قبل أن يستطيع هؤلاء الأغرار أن يقرئوا الحرف. وأنا لا أسلب أحدا حق مناقشة والاعتراض على الدكتورة، ولكن أعترض على اتهام الناس في دينهم والمزاودة عليهم في حبهم واتباعهم للدين. وهذا مقال للدكتور سهيلة زين العابدين عن أيدولوجية الأمم المتحدة تجاه المرأة تدافع فيه عن المرأة المسلمة، حتى يعلم هؤلاء الأغرار عن من يتكلمون!

وسلمتم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق